10 - 05 - 2025

عجاجيات| قوة مصر الناعمة إلى أين؟!

عجاجيات| قوة مصر الناعمة إلى أين؟!

أهاجت الدورة الجديدة لمعرض القاهرة الدولى للكتاب ذكرياتى مع هذا الحدث الثقافى الأبرز...الذكريات أعادتنى لمرحلة الصبا والفتوة وأنا أزور معرض الكتاب فى مكانه الأول بأرض المعارض فى الجزيرة بجوار النادي الاهلى، وفى نفس موقع دار الاوبرا الحالى.. ربما وقتها لم أكن اعرف الكثير عن واحد من أعظم وزراء الثقافة الذين مروا على مصر وهود. ثروت عكاشة، والذى أوكل للدكتورة سهير القلماوي الإشراف وتنظيم معرض القاهرة الأول للكتاب عام ١٩٦٩ بمناسبة الاحتفال بالعيد الألفى للقاهرة (بدأ معرض القاهرة الدولى للكتاب قبل اعلان قيام العديد من الدول الخليجية وهذه ملاحظة للإحاطة وللتذكير فقط، وليست للتعالى على الأشقاء الذين اجتهدوا وسابقوا الزمن)

وتذكرت الشاعر المبدع صاحب مأساة الحلاج  صلاح عبدالصبور رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب صاحبة امتياز تنظيم معرض القاهرة للكتاب  ورحيله  وهو فى قمة العطاء والشباب.. وتذكرت جمهور المعرض فى أرض المعارض بمدينة نصر وهو يتفاعل مع  أيقونة الشعر محمود درويش ويردد قصائده بمجرد أن ينطق الكلمة الأولى منها.. وتذكرت الكبير الدكتور سمير سرحان وهو يقدم ببساطة لجمهور المعرض صديقه الدبلوماسى الجماهيري الذى كان يمشى فى الاسواق ويرتاد مطاعم الفول والطعمية ومحلات عصير القصب ويركب مترو الانفاق، ألا وهو الدكتور اسامة الباز رحم الله الجميع

وتذكرت الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك -لم يكن ملاكا ولم يكن شيطانا، له ما له وعليه ما عليه، أصاب وأخطأ- وهو يفتتح معرض الكتاب ويلتقى على مدي سنوات بانتظام مع "كريمة مصر" من الكتاب والادباء والمثقفين فى حوار مفتوح بدون أسئلة معلبة وسابقة التجهيز.. وبغض النظر عن نتائج هذه الحوارات، فالحق يقال انه كان هناك هامش كبير من الحرية، وسعة صدر فى الإنصات لكل الآراء بلا مؤاخذة.

وتذكرت سور الأزبكية، أو معرض القاهرة الدائم للكتاب طول العام، والذى كانت زيارته واحدة من متع الحياة بالنسبة لى... ولكم سعدت بدخول سور الازبكية لمعرض الكتاب ليساعد الزوار فى مواجهة غلاء الكتب.. ولكم حزنت مع تعذر مشاركة سور الازبكية فى معرض الكتاب بعد انتقاله لموقعه الحالى الفخيم فى القاهرة الجديدة

تساءلت.. ترى كم يشكل معرض القاهرة الدولى للكتاب من قوة مصر الناعمة كنسبة مئوية؟! السؤال يفتح الباب أمام آلاف الاسئلة، ومنها على سبيل المثال وكم تشكل جامعة القاهرة من قوة مصر الناعمة؟ وجامعة الاسكندرية؟! وجامعة عين شمس؟! وكم تشكل أم كلثوم من قوة مصر الناعمة؟! ورياض السنباطى ومحمد عبدالوهاب؟! ويحيى حقى وعبدالرحمن الشرقاوي وثروت اباظة وجمال الفيطانى ويوسف ادريس؟! وفرقة الموسيقى العربية؟! ودار الاوبرا المصرية؟! والازهر الشريف؟!  وصلاح أبوسيف ويوسف شاهين وعاطف الطيب؟! والأسئلة يمكن أن تتوالد لتصبح بالآلاف بعدد عناصر قوة مصر الناعمة التى يصعب حصرها.. السؤال الذى يحتاج الى دراسة هادئة وضمير حى وتواضع هو: هل قوتنا الناعمة بخير؟! وهل قوتنا الناعمة فى تزايد أم فى انحسار؟! باختصار قوة مصر الناعمة إلى أين؟!
--------------------
بقلم: عبدالغني عجاج
من المشهد الأسبوعي

مقالات اخرى للكاتب

عجاجيات | الرقص فى المترو